نقلا عن مدونة الصديقة نيسان
أقسمت فاديا على عدم البكاء...بالرغم من الالام الشديده التي تمزق ساقها الآن والناتجه عن الجهاز الحديدي الذي وضعه الجراح الروسي على ساقها بعد ان قام بعملية تكسير وشد لتلك العظمه الموجوده في ساقها وتثبيت البراغي الفولاذيه فيها واحاطة ساقها من اسفل الركبه الى القدم بمشابك حديديه تنغرز في لحمها....
لن أبكي ..هكذا كانت تقول لنفسها كل ليله والالام تمنعها من النوم وهي مقيده الى سريرها ...فقد مضى اليوم وغدا يوم جديد يقربني الى الحلم الذي طالما حلمت به.
لم يكن حلمها ان تكون قادره على المشي بصوره طبيعيه بدون العرج بقدر ما كان أن تتخلص من لقب (العرجاء) الذي التصق بها منذ طفولتها,,,فقد ولدت فاديا بعيب خلقي جعل احدى رجليها اطول من الاخرى بعدة سنتيمترات مما سبب لها عرجاً واضحاً في مشيتها.
في المدرسه الابتدائيه....كانت من المتفوقات لكن لم يناديها احد ب فاديه الطالبه المتفوقه....كانت تسمع المعلمه وهي تهمس لاحدى الطالبات :اجلسي بجانب فاديا العرجا ..او دعي فاديا العرجا تساعدك في المسأله! كانت دائما فاديا العرجا !!!
في المدرسه الثانويه ...استمرت بتفوقها وتميزها وبالرغم من ان المعلمات كن دوماً يمتدحن تفوقها واخلاقها ...ألا أنها لم تصبح فاديا الشاطره أو فاديا المؤدبه .... كانت دائماً فاديا العرجاء.
لم تلمح يوماً شابا من شباب الحي الذي تسكنه ينظر الى عينيها اللوزيتين المكتسيات بلون العسل ولم تسمع يوماً كلمة غزل بشعرها الحريري المنسدل الى اسفل ظهرها....لم يلحقها احدهم يوما في مشوارها اليومي الى المدرسه ليدس في يدها ورقه فيها قصيده من اشعار نزار قباني....لم تسمع يوماً كلمة فاديا الجميله ..كانت دائما فاديا العرجا....هذا العرج الذي غطى على ادبها و تفوقها وجمالها ...
كل ما سمعته كان من باب : يا حرام ...عمر الزين ما يكمل!!!
كانت معلماً مميزاً من معالم الحي الذي تسكنه ...فعندما يرتب الاطفال للعبة كرة قدم في الشارع كانوا يتفقون على أن يتجمعوا بالقرب من بيت فاديا العرجا ....
بقّال الحي كان يعرف الاطفال القادمين لدكانته بأخو فاديا العرجا او ابن جيران فاديا العرجا أو البيت المقابل لبيت فاديا العرجا.
وعندما تتصل ام رامي بجارتها لتخبرها ان ام فادي مريضه وعليهم ان يزوروها ليطمئنوا عليها ....تتسائل الجاره :مين ام فادي؟
ترد ام رامي: ام فاديا العرجا ....
:آآآآآآآآآه هلا عرفتها!!!!
أنهت فاديا دراستها الثانويه والجامعيه بتفوق و توظفت في احدى الدوائر الحكوميه....فلم ترضى اي شركه خاصه بتوظيفها ...بالرغم من كل مؤهلاتها وكفاءتها ...فقد كان العرج يغطي بجداره على اي مؤهل اكتسبته بجداره ولن يكون العرج منظراً مقبولاً ولا حضارياً لأي من تلك الشركات الحديثه.
تزوجت معظم بنات الحي الذي تسكنه وتزوجت اخواتها الاصغر منها والاقل منها جمالاً ولم يتقدم احد لخطبة فاديا العرجا ....لم يشفع لها جمالها ولا ادبها ولا دينها ولا وظيفتها ولا حسبها ولا سمعة عائلتها الطيبه .....فقد غطى العرج على كل هؤلاء!!!
في نهاية العشرينات من عمرها سمعت فاديا بالطبيب الروسي الذي يقوم بعملية أطالة العظام ومعالجة الحالات المشابهه لحالتها والذي حضر الى عمّان لمعاينة بعض الحالات فذهبت لمقابلته وعندما اجرى الكشف عليها اخبرها انها قابله للعلاج لكن بحاجه الى مده طويله تتراوح ما بين السنه والنصف والسنتين وعليها ان تلحقه الى روسيا لاجراء العمليه ومتابعتها هناك...فجمعت كل ما قامت بتوفيره وأصرت على السفر الى روسيا للقيام بتلك العمليه ...
وافقت عائلتها على مضض بعد ان فشلوا في اقناعها بأن ترضى بقدرها المكتوب ...فحزمت أمتعتها ورافقها والدها في رحلة العلاج الطويله.
عاشت في المستشفى في روسيا لمده عامين واستاجر والدها شقه صغيره بالقرب من المستشفى وبقي معها طول مدة المعالجه ...تكبدت خلالها من الالام والمشقه الشيء الكثير نتيجة مضاعفات العمليه من التهابات وسحب للاعصاب والعظام, وتكبد والدها من صعوبات الغربه والوحده واللغه الغريبه الشيء الاكثر.
بالرغم من هذا كله أقسمت فاديا على ان لا تبكي ....كانت الابتسامه ترافقها دوماً وبسبب طبيعتها الطيبه وروحها المرحه تفاعلت مع كل المرضى والعاملين في المستشفى بسرعه وتعلمت اللغه الروسيه خلال اشهر قليله واصبحت تقضي أوقاتها في المستشفى برفقة الاطفال المرضى ...تواسيهم وتقص عليهم قصص بلدها الغريب الواقع في اقاصي الارض بالنسبه لهم.
خلال وجودها في المستشفى أعجب بها الطبيب المتدرب المرافق لطبيبها المعالج ....روسي مسلم ...أنيق وسيم متدين ...فطلب يدها للزواج من والدها وتمت الموافقه المبدئيه على ان تتم مراسم العرس بعد انتهاء مدة العلاج وعودتهم الى الاردن .
عادت فاديا الى الاردن ...تمشي بصوره طبيعيه كما كانت تحلم دوماً تتأبط ذراع عريسها الطبيب .و انتشر خبر عودة فاديا العرجا ...فتوافد الاقارب والجيران لتهنئتها تهنئه مزدوجه:الاولى لنجاح العمليه ومشيتها التي اصبحت طبيعيه بدون عرج والثانيه لزواجها من الطبيب الروسي.
وكانت الاخبار تنتقل في الحي كالآتي:
فاديا العرجا رجعت تمشي زي العالم!!!
فاديا العرجا تزوجت من الطبيب الروسي!!!
فاديا العرجا رجعت مع زوجها الى روسيا !!!
فاديا العرجا أنجبت بنت !!!
فاديا العرجا انجبت ولد !!!
فاديا العرجا ....مسكينه ...مصابه بهذاك المرض!!!
نعم ....اصيبت فاديا بالسرطان بعد عدة سنوات من زواجها وتدهورت حالتها ولم تستجب للعلاج فعادت مع ابنتها وابنها الى عمّان لوداع اهلها.
أوصت فاديا والديها أن يبقى أبنائها برفقه والدهم وأن يعودوا معه الى روسيا بعد وفاتها
فبكت والدتها بكاءا مريراً ورجتها ان توصي زوجها ان يترك الاولاد لديها لترعاهم وتربيهم ويعود والدهم لرؤيتهم كلما أراد...لكن فاديا أصرت على عودة ولديها مع أبوهم...فهي لا تريد لابنائها ان تلتصق بهم صفة العرج من مصغرهم لمكبرهم ...هناك سيكونوا أبناء الطبيب ....وهنا سيبقوا دائماً... ابناء فاديا العرجا !!!
مشاركه في موضوع المعاقين والمسنين ...معهم ام عليهم ...في المدونه الجماعيه...لنكتب عن ...
أقسمت فاديا على عدم البكاء...بالرغم من الالام الشديده التي تمزق ساقها الآن والناتجه عن الجهاز الحديدي الذي وضعه الجراح الروسي على ساقها بعد ان قام بعملية تكسير وشد لتلك العظمه الموجوده في ساقها وتثبيت البراغي الفولاذيه فيها واحاطة ساقها من اسفل الركبه الى القدم بمشابك حديديه تنغرز في لحمها....
لن أبكي ..هكذا كانت تقول لنفسها كل ليله والالام تمنعها من النوم وهي مقيده الى سريرها ...فقد مضى اليوم وغدا يوم جديد يقربني الى الحلم الذي طالما حلمت به.
لم يكن حلمها ان تكون قادره على المشي بصوره طبيعيه بدون العرج بقدر ما كان أن تتخلص من لقب (العرجاء) الذي التصق بها منذ طفولتها,,,فقد ولدت فاديا بعيب خلقي جعل احدى رجليها اطول من الاخرى بعدة سنتيمترات مما سبب لها عرجاً واضحاً في مشيتها.
في المدرسه الابتدائيه....كانت من المتفوقات لكن لم يناديها احد ب فاديه الطالبه المتفوقه....كانت تسمع المعلمه وهي تهمس لاحدى الطالبات :اجلسي بجانب فاديا العرجا ..او دعي فاديا العرجا تساعدك في المسأله! كانت دائما فاديا العرجا !!!
في المدرسه الثانويه ...استمرت بتفوقها وتميزها وبالرغم من ان المعلمات كن دوماً يمتدحن تفوقها واخلاقها ...ألا أنها لم تصبح فاديا الشاطره أو فاديا المؤدبه .... كانت دائماً فاديا العرجاء.
لم تلمح يوماً شابا من شباب الحي الذي تسكنه ينظر الى عينيها اللوزيتين المكتسيات بلون العسل ولم تسمع يوماً كلمة غزل بشعرها الحريري المنسدل الى اسفل ظهرها....لم يلحقها احدهم يوما في مشوارها اليومي الى المدرسه ليدس في يدها ورقه فيها قصيده من اشعار نزار قباني....لم تسمع يوماً كلمة فاديا الجميله ..كانت دائما فاديا العرجا....هذا العرج الذي غطى على ادبها و تفوقها وجمالها ...
كل ما سمعته كان من باب : يا حرام ...عمر الزين ما يكمل!!!
كانت معلماً مميزاً من معالم الحي الذي تسكنه ...فعندما يرتب الاطفال للعبة كرة قدم في الشارع كانوا يتفقون على أن يتجمعوا بالقرب من بيت فاديا العرجا ....
بقّال الحي كان يعرف الاطفال القادمين لدكانته بأخو فاديا العرجا او ابن جيران فاديا العرجا أو البيت المقابل لبيت فاديا العرجا.
وعندما تتصل ام رامي بجارتها لتخبرها ان ام فادي مريضه وعليهم ان يزوروها ليطمئنوا عليها ....تتسائل الجاره :مين ام فادي؟
ترد ام رامي: ام فاديا العرجا ....
:آآآآآآآآآه هلا عرفتها!!!!
أنهت فاديا دراستها الثانويه والجامعيه بتفوق و توظفت في احدى الدوائر الحكوميه....فلم ترضى اي شركه خاصه بتوظيفها ...بالرغم من كل مؤهلاتها وكفاءتها ...فقد كان العرج يغطي بجداره على اي مؤهل اكتسبته بجداره ولن يكون العرج منظراً مقبولاً ولا حضارياً لأي من تلك الشركات الحديثه.
تزوجت معظم بنات الحي الذي تسكنه وتزوجت اخواتها الاصغر منها والاقل منها جمالاً ولم يتقدم احد لخطبة فاديا العرجا ....لم يشفع لها جمالها ولا ادبها ولا دينها ولا وظيفتها ولا حسبها ولا سمعة عائلتها الطيبه .....فقد غطى العرج على كل هؤلاء!!!
في نهاية العشرينات من عمرها سمعت فاديا بالطبيب الروسي الذي يقوم بعملية أطالة العظام ومعالجة الحالات المشابهه لحالتها والذي حضر الى عمّان لمعاينة بعض الحالات فذهبت لمقابلته وعندما اجرى الكشف عليها اخبرها انها قابله للعلاج لكن بحاجه الى مده طويله تتراوح ما بين السنه والنصف والسنتين وعليها ان تلحقه الى روسيا لاجراء العمليه ومتابعتها هناك...فجمعت كل ما قامت بتوفيره وأصرت على السفر الى روسيا للقيام بتلك العمليه ...
وافقت عائلتها على مضض بعد ان فشلوا في اقناعها بأن ترضى بقدرها المكتوب ...فحزمت أمتعتها ورافقها والدها في رحلة العلاج الطويله.
عاشت في المستشفى في روسيا لمده عامين واستاجر والدها شقه صغيره بالقرب من المستشفى وبقي معها طول مدة المعالجه ...تكبدت خلالها من الالام والمشقه الشيء الكثير نتيجة مضاعفات العمليه من التهابات وسحب للاعصاب والعظام, وتكبد والدها من صعوبات الغربه والوحده واللغه الغريبه الشيء الاكثر.
بالرغم من هذا كله أقسمت فاديا على ان لا تبكي ....كانت الابتسامه ترافقها دوماً وبسبب طبيعتها الطيبه وروحها المرحه تفاعلت مع كل المرضى والعاملين في المستشفى بسرعه وتعلمت اللغه الروسيه خلال اشهر قليله واصبحت تقضي أوقاتها في المستشفى برفقة الاطفال المرضى ...تواسيهم وتقص عليهم قصص بلدها الغريب الواقع في اقاصي الارض بالنسبه لهم.
خلال وجودها في المستشفى أعجب بها الطبيب المتدرب المرافق لطبيبها المعالج ....روسي مسلم ...أنيق وسيم متدين ...فطلب يدها للزواج من والدها وتمت الموافقه المبدئيه على ان تتم مراسم العرس بعد انتهاء مدة العلاج وعودتهم الى الاردن .
عادت فاديا الى الاردن ...تمشي بصوره طبيعيه كما كانت تحلم دوماً تتأبط ذراع عريسها الطبيب .و انتشر خبر عودة فاديا العرجا ...فتوافد الاقارب والجيران لتهنئتها تهنئه مزدوجه:الاولى لنجاح العمليه ومشيتها التي اصبحت طبيعيه بدون عرج والثانيه لزواجها من الطبيب الروسي.
وكانت الاخبار تنتقل في الحي كالآتي:
فاديا العرجا رجعت تمشي زي العالم!!!
فاديا العرجا تزوجت من الطبيب الروسي!!!
فاديا العرجا رجعت مع زوجها الى روسيا !!!
فاديا العرجا أنجبت بنت !!!
فاديا العرجا انجبت ولد !!!
فاديا العرجا ....مسكينه ...مصابه بهذاك المرض!!!
نعم ....اصيبت فاديا بالسرطان بعد عدة سنوات من زواجها وتدهورت حالتها ولم تستجب للعلاج فعادت مع ابنتها وابنها الى عمّان لوداع اهلها.
أوصت فاديا والديها أن يبقى أبنائها برفقه والدهم وأن يعودوا معه الى روسيا بعد وفاتها
فبكت والدتها بكاءا مريراً ورجتها ان توصي زوجها ان يترك الاولاد لديها لترعاهم وتربيهم ويعود والدهم لرؤيتهم كلما أراد...لكن فاديا أصرت على عودة ولديها مع أبوهم...فهي لا تريد لابنائها ان تلتصق بهم صفة العرج من مصغرهم لمكبرهم ...هناك سيكونوا أبناء الطبيب ....وهنا سيبقوا دائماً... ابناء فاديا العرجا !!!
مشاركه في موضوع المعاقين والمسنين ...معهم ام عليهم ...في المدونه الجماعيه...لنكتب عن ...