الأحد، 24 أبريل 2011

اربعون عاما....نزداد وحشيّةً


نقلا عن مدونة الصديق يوسف

صباح الخير
جايّ على بالي احكيلكم قصتين صغار وبالعاميّة يعني على بلاطة بالبلدي الاولى صارت معاي قبل 40 سنة بس والثانية قبل 15 سنة يعني مش كثير والفرق بيناتهم بس 25 سنة
كنا في بلدة صغيرة من هالبلد قبل 40 سنة سكانها لا يتجاوزا عشرة آلاف 3شوارع رئيسية وشوية فرعية بيناتهم جامع وكنيسة ومدرسة ابتدائية للاولاد وزيّها للبنات وثانوية للاولاد واختها للبنات والثنتين ما كان لسه فيهم علمي يعني بالعربي بس ادبي والعلمي بدو غُربة وسفر 70 كلم ومنامة وكان فيها شوية بيوت طين وكم بيت حجر  واكيد بيوت شعر .
كل الناس بتعرف بعض وبتحب بعض والبلد فيها عتال بيجر العرباية وبيودي القمح على الطاحونة وبياع هريسة اخر النهار بيلف على البيوت وفرن واحد بيخبز لكل الناس وبياخذ اجرته رغيف من الخُبزات بيبيعهم اخر النهار للي خلصوا خبزاتهم بشكل مفاجئ واكيد كان في لحام وخضرجي وبقال ومحل تاجير بسكليتات شو بدكم بطول السيرة بما انه كان في مدرسة واحدة كانوا اولاد كل اهل البلد في المدرسة من اولاد آذن المدرسة الله يذكره بالخير ويرحمه الى اولاد مدير المدرسة وما كان حدا يستحي يقول انا ابن العتال ولا انا ابن بياع الهريسة بل على العكس كان الكل يساعد ابوه واحنا نساعدهم ومن هالطلاب الكثار كان عبد الله الاعمى البصر واللي كان ما يهمه انه يسمع بآذانه ويقولها هو انا اعمى وعبد الله كان ساكن في طرف البلد كنا كل يوم نمُر عليه على البيت نوخذه معانا للمدرسة واخر الدوام نرجعه للبيت وبين الحصص اذا في حل مسائل او مراجعة نتساعد معه واذا ضل وقت نتشمس بالساحة ونتمشى ويسلم على الكل ويحكي معاهم عادي كئنو شايفهم واكثر ولما يكون في امتحانات لازم حدا يروح عنده على البيت يذاكر معه ونرتبها بين بعض وهيك كان دايما عبدالله من الاوائل في الصف وهذا الحكي عمره ما ضايق حدا بل على العكس كنا سعيدين ومبسوطين فيه ودارت الايام ووصلنا للصف الاول ثانوي تبع ايام زمان يعني العاشر هالايام وكان اخر صف قبل تصنيفنا علمي وادبي ولحسن حظنا كانت الوزارة اخذت قرارا بفتح شعبة علمي في مدرستنا او بالاصح في بلدتنا اعتبارا من العام الذي ننهي فيه العاشر يعني على وجوهنا الطيبة ...عبد الله كان يعرف انه ادبي غصب عنه وما اله فرصة ابدا ان يكون بالعلمي هيك قرار الوزارة مهو الكتاب الوحيد اللي كان عنده بلغة بريل هو القرآن الكريم والباقي على الله والشباب مع نهاية الاول ثانوي كان عبد الله الثالث على صفنا وراح على الادبي مع الثاني على صفنا واللي كان شاطر كثير بكل المواد بس حابب يكون اديب وشاعر ومحسوبكم مش علشان اقول انو انا كنت الاول على صفي بس هيّ هيك بتيجي مع الهبل دبل رحت علمي علشان لسه ابوي الله يرحمه هذيك الايام بدو العيلة كلها مهندسين ودكاترة ما علينا بدأنا الثاني ثانوي هما في الادبي وانا في العلمي ما احنا كلنا على بعض يادوب 30 واحد وكنا نلتقي في الفرص وقبل وبعد الدوام وعبد الله نظامه معروف ولا يحتاج لان يسأل ولا يذكر احد الكل عارف دوره وواجبه تجاهه من صباحيّة ربنا لما نجيبه للمدرسة ولغاية من يبيّت وينام مهو عادي كانت البلد كلها تنام على الساعة ثمنية في الصيف وستة بالشتاء بالكثير مع الجاجات والغنمات اللي كانوا في اغلب الحوشات جمع حوش....
ما علينا صارت متغيرات هذيك السنة بعد حوادث ايلول تنذكر وما تنعاد واضطريت انا وخالد للانتقال الى بلدة اخرى لظروف انتقال الاهل وللاوضاع وبقي عبد الله مع الآخرين وانقطعت الاخبار بحكم الظروف والمسافات مهو مكنش في تلفونات ارضي وقتها مش خلوي وقدمنا التوجيهي وطلعت النتائج وما سالتوني كيف بتطلع النتائج وقتها بالراديو تتوقف كل البرامج ونشرات الاخبار ويبدا المذيع باذاعة الناجحين وببلش بالعشر الاوائل من الفرعين يا حسرة كانو فرعين بس شوية علمي وشوية ادبي وعرفت انه عبد الله نجح وكان ضمن العشر الاوائل على مستوى المملكة وانبسطتله كتير وكمان خالد واللي كان معي بنفس المدرسة الجديدة انبسط لعبد الله اكثر ما انبسط لحاله لانه هو كمان كان ضمن العشر الاوائل وفي مرتبة متقدمة جدا على عبد الله وعلى المملكة .
انا ما شفته لعبد الله من يوم ما تركت البلدة وفي يوم وبعد حوالي سنتين من اخر مرة شفته فيها كنت على بوابة وزارة التربية والتعليم في العبدلي بصدق كشوفات العلامات مشان نروح ندرس في الجامعات في بلاد الله الواسعة يا حسرة مكنش في غير هالجامعه وشوية تخصصات على القد وشو بدها توخذ لتوخذ وانا بدي ادخل على درج مدخل الوزارة لمحت عبد الله خارجا بيد واحد ما بعرفوش اعتقد انه من قرايّبه ممن لا اعرفهم رحت عليهم ومديت ايدي وسلمت عليه من غير ما احكي ولا كلمة ... مسك ايدي وبدأ يتحسسها ذهابا وايابا وما هي الا لحظات وعانقني وبلش يبكي ويقول...يوسف ...يوسف
وانا حضنته وعيوني تدمع واقول بعد ان عرفني من لمسة يداي التي تعودت على الامساك بيديه في مشوارنا الصباحي والمسائي ...يا سبحان الله وانا مش مصدق ابدا ولا لهلأ اللي صار.

عبد الله اكمل دراسته الجامعية في بعثة دراسية خارج البلد وحصل بعدها على الماجستير والدكتوراة في الادب العربي.

ضل عندي كلمتين اقولهم اني قلت كان في البلدة عتال وبياع هريسة وآذن واولادهم اليوم ما شاء الله كلهم دكاترة ومهندسين ومعلمين بس اكيد ما كان في البلدة ولا شحاد حتى لو كانوا مُعاقين....والمُعاق الوحيد في البلدة اصبح دكتورا جامعيا.

هاي كانت القصة الاولى حقيقية 100%
بس غيّرت الاسامي فقط
والتانية كمان حقيقيّة 100% بس 
لازم اقدر انسى الاولى علشان اكتب التانية

24/04/2011
من وحيّ...المعاقين والمُسنين معهم ام عليهم ؟؟؟

1 التعليقات:

زينة زيدان يقول...

صديقي يوسف

أشكر جهودك المتواصلة والبناءة

والداعمة للفكر والنقاش الجاد

والحوار المثمر كما تمنت العزيزة نور

" في تعريفك بالمدونة -من نحن-أشرت ان الكتابة ستكون حسب استفتاءات أجريت عبر المدونات الشخصية "

ارجو الافادة

شكرا

إرسال تعليق